فيما يلي مقتطفات من كتاب "طريق الحرير- قراءة معاصرة لدور محاور التجارة الدولية في قيام وسقوط الإمبراطوريات والدول"
ثورة الورود في جورجيا عام 2003
لعلنا بعد دراسة مسارات محاور أنابيب الغاز الدولية المعاصرة والطرق التي ستسلكها هذه الأنابيب الدولية سنرى أنها غيرت في السنوات الثلاثين الأخيرة مصير عدد من الدول وأرخت بظلالها خاصة على سوريا،
وربما كانت هي السبب الرئيس في الحرب التي مازالت تدور رحاها على الأراضي السورية.
أهم الدول التي تتنافس على تجارة الغاز في العالم هي روسيا والولايات المتحدة.
وفيما تسعى روسيا لتزويد أوروبا بالغاز لدعم اقتصادها الروسي الوطني ولزيادة دورها العالمي وتأثيرها على الدول الأوروبية،
تسعى الولايات المتحدة بالمقابل إلى منع روسيا الاستفادة من واردات غازها، لكبح جماح نموها الاقتصادي ولإنقاص تأثيرها على الدول الأوروبية التي تعتبر الحليف التاريخي للولايات المتحدة الأميركية.
انطلقت مشاريع إنشاء أنابيب الغاز الروسية العابرة للقارات بالمشروع الدولي الأول المسمى "السيل الأزرق Blue Stream" في عام 1997م،
والذي هدف لتمديد خطوط جديدة من أنابيب الغاز الطبيعي ما بين روسيا وأوروبا إضافة للخطوط القديمة المنطلقة من روسيا نحو أوروبا عبر أوكرانيا، التي تم إنجازها في العهد السوفييتي لروسيا،
على أن تنطلق خطوط الأنابيب الجديدة هذه - في المرحلة الأولى من المشروع - من الجنوب الروسي لتعبر البحر الأسود وتدخل الأراضي التركية،
ثم تنطلق لاحقاً في المرحلة الثانية من المشروع من تركيا إلى أوروبا عبر المرور ببلغاريا، ثم تدخل هذه الخطوط دول البلقان لتمر عبر صربيا ثم كرواتيا لتصل غرب هنغاريا، ومن هنغاريا يكون الوصول لألمانيا عبر النمسا أمراً يسيراً، تم الانتهاء من تنفيذ القسم الأول من خط "السيل الأزرق" ما بين روسيا وتركيا،
ليتوقف مسيره في وسط الأراضي التركية عام 2003م بعدما بدأت الولايات المتحدة بعرقلة هذا المشروع في عام 2002م،
وذلك عندما طرحت مشروع "أنابيب غاز نابوكو Nabucco pipeline" المدعوم أميركياً وأوروبياً، وهو خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي من آسيا الوسطى إلى أوروبا.
دعمت الولايات المتحدة هذا المشروع في إطار الصراعات الدولية للسيطرة على محاور التجارة، وتعاقدت على إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية في تركمان ستان.
كان المشروع الأميركي يطمح لوصل خط الأنابيب المزمع إنشاؤه، والقادم من تركمان ستان التي تعتبر رابع دولة في العالم بحجم احتياطي الغاز لديها, مروراً بأوزبك ستان وكازاخ ستان عبر بحر قزوين،
ثم أذربيجان التي تغذي الخط أيضاً من الغاز المستخرج من أراضيها،
ثم يتجه الخط نحو جورجيا وصولاً إلى تركيا،
ويسمى الخط في هذه المرحلة ما بين أذربيجان وتركيا باسم "خط أنابيب باكو- تبيليسي- جيهان BTC"،
ليبدأ هذا الخط بعد وصوله للأراضي التركية بحمل اسم "نابكو"،
وينطلق من تركيا إلى بلغاريا, ثم رومانيا, وهنغاريا، وصولاً لمدينة "بوجمارتن اندرمارش" النمساوية.
لكن لإتمام هذا المشروع الأميركي كان لابد من تأمين إمكانية مروره عبر الأراضي الجورجية.
كانت جورجيا قد استقلت عن الاتحاد السوفييتي عام 1991م،
وتولى الحكم فيها الرئيس إدوارد شيفردنادزه الموالي لروسيا،
ما سيجعل رفض جورجيا لمرور خط الأنابيب هذا عبر أراضيها أمراً مؤكداً،
كان الحل هو إطلاق أولى الثورات الداعية للديموقراطية بدعم من الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية عام 2003م،
وانطلقت المظاهرات من ميدان لينين في وسط تبيلسي عاصمة جورجيا،
اشتهرت هذه الثورة الجورجية باسم "ثورة الورود"،
والتي أفضت للإطاحة بالرئيس شيفردنادزه الموالي للروس عام 2003م وانتخاب الرئيس ساكاشفيلي المدعوم غربياً،
وخسرت روسيا بذلك دولة تشغل إقليماً جغرافياً يشكل خاصرتها تجاه آسيا الوسطى.
ضمنت الولايات المتحدة موافقة جورجيا على مرور خط الأنابيب عبر أراضيها،
هذا الخط الذي يتفادى المرور عبر الأراضي الروسية، ما يحرم روسيا الاستفادة من عوائده المالية ومن عوائده السياسية التي تتجلى بالسيطرة الروسية على مقاليد الاقتصاد الأوروبي، الذي يتزايد اعتماده على الغاز للإنتاج الصناعي ومشاريع توليد الكهرباء اللذين يعتبران عماد الاقتصاد الأوروبي، إضافة للاستهلاك المدني العادي للغاز في جميع مرافق الحياة.
لم يكن أمام روسيا إلا منع إنشاء هذا الخط من منطلقه في تركمان ستان، بتعزيز علاقاتها السياسية والعسكرية مع تركمان ستان بدءاً من عام 2006، مع استلام الرئيس التركمان ستاني الجديد محمدوف لمنصبه.
بعد النجاح في عرقلة هذا المشروع جاء وقت الرد الروسي بأن عمدت روسيا إلى إثارة القلاقل التاريخية ما بين جورجيا وإقليم "أوسيتيا الجنوبية" الموالي للروس والذي يقع شمال جورجيا، عام 2006م.
سرعان ما تفجرت أزمة دولية بين البلدين، ما دعا روسيا للتدخل عسكرياً للرد على قصف جورجيا للعاصمة الأوستية، وقصفت خطوط غاز نابكو المارة عبر جورجيا ودمرتها تماماً في عام 2008م، هذه العوامل مجتمعة دفعت أوروبا مضطرة لسحب تأييدها لخط "نابكو" مؤقتاً، وبالتالي استطاعت روسيا نسف المشروع من نقطتين، نقطة الأساس المنطلقة من تركمان ستان، ومن النقطة الواقعة في وسطه المارة عبر جورجيا.
اضافة تعليق |
ارسل إلى صديق |
عندما بدأت الحملة الممنهجة لتبييض صورة السلطان عبد الحميد عمدت بعض الكتابات العربية للترويج لقصة اليهود الدونمة ومحاولتهم شراء أجزاء من فلسطين ورفض السلطان عبد الحميد لذلك بطريقة بطولية مما دعا هؤلاء لخلعه المزيد
جاء في الفصل الأول المعنون : الشخصية الحميدية من كتاب "أوهام الذات المقدسة السلطان عبد الحميد لمؤلفه المحامي علاء السيد وذلك تحت تحت عنوان : رقابة المطبوعات الحيوية المزيد
اعتمد كتاب"أوهام الذات المقدسة، السلطان عبد الحميد الثاني" على حوالى 78 مصدرا ومرجعا و على ما نشر في حوالى 17 جريدة ومجلة من أخبار ومقالات متعلقة بما ورد في الكتاب المزيد
الفهرس 6 , مقدمة 9 , تمهيد 11 , الفصل الأول: الشخصية الحميدية 29 , طفولة سلطان 31 , شروط مدحت 33 المزيد
أفرد كتاب "الذات المقدسة ، السلطان عبد الحميد الثاني" فصلاً كاملاً بعنوان : "السلطان عبد الحميد وقضية فلسطين" في 56 صفحة فيها 116 اشارة توثيقية مرجعية المزيد
لإيفاء دراسة شخصية عبد الحميد حقها، يجب أن نعي تماماً أن هذه الشخصية تطورت وتعقدت خلال ما يزيد عن ثلاثة وثلاثين عاماً من الحكم، المزيد
إن الاستيطان اليهودي في فلسطين زمن الدولة العثمانية حتى نهاية عهد السلطان عبد الحميد وقبل عهد " الاتحاد والترقي" بُني على طريقتين المزيد
مقالة نقد كتاب أوهام الذات المقدسة بعنوان : السلطان عبدالحميد الثاني، بين الكتابة الصحافية وغياب منهجية البحث العلمي. والرد على المقال . المزيد