في ديار مار مارون - قصة اكتشاف مرقد مار مارون قرب حلب

مكتبة الفيديو    4882  مشاهدة
لمشاهدة في ديار مار مارون - قصة اكتشاف مرقد مار مارون قرب حلب على اليوتيوب , انقر هنا

يقول كاتب هذا العمل الوثائقي غسان الشامي:

ـ كان يحضرني دائما، خصوصا عندما اقرأ لوقا الانجيلي او اعمال مار بولس او عن مدينة دمشق التي اهتدى فيها هذا القديس سنة 36 ميلادية، او عن تاريخ سورية القديم، ان اعمل على تناول الكنوز المسيحية في سورية، واقوم بإعداد سلسلة من البرامج الوثائقية، كان احدها حول مار مارون والمكان الذي اقام فيه، ثم انطلق منه في ما بعد، في اشارة الى ان سورية هي نموذج مذهل في العالم لما تحتويه من كنوز مسيحية ولما تحتويه من كنوز اسلامية ونموذج مذهل في التآخي وليس العيش المشترك، كما يقال، بل ان هناك حياة مشتركة حياة واحدة. كما رأيت في الوقت ذاته، ان تسليط المرء الضوء على كنوز المسيحية في سورية التي تعود الى المسيحية في عهودها الاولى وما حصل فيها، هو امر في غاية الدقة والحساسية.

وبالنسبة لبرنامج مار مارون، وعندما كنت اقلب في صفحات تاريخه، اخذت كتاب «تاريخ الموارنة» للأب بطرس داوود مؤرخ الكرسي الانطاكي الماروني وقرأته لاتفاجأ بأن مار مارون هو من شمال سورية ولطالما تساءلت ما دام الاب بطرس داوود، يؤكد ان قبره موجود في قرية (أكدا). لماذا هذا الناسك الكاهن الذي كان له دور في حياة النسك في شمال سورية لم يصور شيئا؟، الى ان اكتشفت ان مار مارون خرج من ضيعة تدعى (أكدا) على الحدود السورية التركية الآن، و (أكدا) هذه تعني الزيزفون وكان اسمها بالسريالية سابقا (كيفا)، وكان معلمه في تلك القرية ناسكا شهيرا في تأريخ النسك المسيحي اسمه (زابينا) سمي «ناسك الوقوف» لأنه قضى حياته واقفا، وكان مار مارون يسميه المثال الاعلى في الفضائل، حتى انه لكثرة ما يقدره طلب ان يقف معه.

ترك مار مارون (أكدا) وجاء الى قرية قرب اعزاز تدعى حاليا (نيار)، حيث بنى فيها صومعة او كوخا قرب بيدر مع صديق له وهو تلميذ زابينا ايضا يدعى دانيال.

عندما زرنا المنطقة أخيرا تفاجأنا بأن كل شيء باق على ما هو عليه، ولما عدت الى مجموعة الوثائق التي كتبها بحاثة وعلماء غربيون حول المكان الذي دفن فيه مار مارون والمكان الذي بنى فيه كنيسته، رأيت انه لا بد من زيارة الامكنة واستطلاعها. وللحقيقة اقول اننا لم نستطع في اول استطلاع، الكشف عن النأووس الذي دفن تحته مار مارون، وذلك لسبب اساسي ان هذه المنطقة التي كتب عنها الباحث الروسي تشاينكو منذ عام 1958 ـ 1959، والتي كان قد زارها قبله باتلر في اوائل القرن الماضي، لم يزرها احد، وربما زارها الاب بطرس داوود واكد ان هناك نأووسا هو النأووس الذي دفن فيه مار مارون وان الكنيسة التي بقربه هي كنيسته وتدعى جليانوس.

واضاف غسان الشامي: انطلقنا لتوثيق حياة مار مارون في سورية وصولا الى المكان الذي نملك فيه الوثيقة الاساسية عنه، وهو موقع قورش في اقصى الشمال، ثم انتقلنا الى (براد)، حيث دفن مار مارون هذا الناسك المتقشف الذي عاش في العراء واصبح خلال حياته مقصدا للناس يعظ ويرشد.

وحسب عادة اهل الشمال السوري فإنه عندما يموت ناسك يتراكضون لاحتواء جثمانه ليتباركوا بها، وكانت عاصمة جبل سمعان في ذلك الوقت هي (براد) وهي بلدة كبيرة جدا ومليئة بالآثار والبناء القديم الروماني والمسيحي، حيث اخذ الاهالي جثمان مار مارون وبنوا له كنيسة صغيرة ملحقة بكاتدرائية (براد) او كاتدرائية جليانوس.

وبعد ان وثقنا (براد) كمدينة تاريخية، قمنا برحلة الكشف عن النأووس الذي دفن فيه مار مارون، وقارنت الموقع مع الصورة التي اخذها الاب بطرس ضو للنأووس في الستينات، وقفت في المكان الذي أخذت منه الصورة في الزاوية نفسها، ثم انتقلت الى ما اعتقدت انه المكان وصرخت «وجدتها»، وكان كل الضريح مغطى بالتراب، لكنه مطابق لما جاء في الصورة، وبذلك اكتمل لدينا التوثيق الاول لناسك الشمال السوري (مار مارون) وثبت لدينا انه ولد وعاش في منطقة واحدة هي منطقة (براد) ومات فيها على اثر مرض بسيط.

وتؤكد كتب التاريخ التي وضعت عام 398هـ ان مار مارون حطم الاصنام في (كفرنبو) السورية عام 410م، ولمعرفتي ان اول دير ماروني آخر في منطقة أخرى، في عام 452 هو دير مار مارون قرب معرة النعمان، بات يحدوني هاجس ان نوثق المارونية في منطقة وادي العاصي وافاميا. ذلك انك حين ترى ديرا من غروب القرن الرابع بأقبيته، فإن هذا بالنسبة للمشاهد الغربي حين توثقه على هذا الشكل البسيط، يشكل اكتشافا يدعوه لأن يأتي الى المنطقة التي بشر فيها مار مارون ودفن فيها، ليقف على ما هي عليه من بهاء وجمال.

ومن رأى الفيلم الوثائقي تأكد من ذلك، لكن هذه المنطقة تهدمت بعامل الزلازل، وما بقي منها يحتاج الى رعاية. أما اغلب الحجارة فلا تزال في مكانها، وقد قام تشاينكو ومديرية الآثار السورية بترميم هذه الاحجار على ان يعاد بناؤها من جديد، وان يطلب من المنظمات الدولية ان تشارك في هذا الموضوع لأننا امام مجموعة عظيمة من التحف.
 

شارك الموضوع مع اصدقائك !!
لمتابعة أحدث منشورات دار الوثائق الرقمية التاريخية على شبكات التواصل الاجتماعي :

مواضيع اخرى ضمن  مكتبة الفيديو