قصة حي الجميلية بحلب

28-02-2020 9578 مشاهدة

كان مدخل مدينة حلب التاريخي الرئيسي واقعا في الجهة الجنوبية الغربية وخاصة للقادمين من دمشق، يبدأ دخول المدينة من جسر الناعورة بعد اجتياز نهر قويق الذي كان يحد توسع المدينة من الغرب،

لم تكن هناك وسيلة في آخر القرن التاسع عشر لعبور النهر سوى جسر الناعورة الذي يحد منطقة "الكتاب" التي كانت تعتبر ضاحية خارج المدينة،

كانت الحاجة ماسة في نهاية القرن التاسع عشر لتوسع المدينة القديمة خارج الأسوار وعادة يكون التوسع الحداثي جهة الغرب طلباً للرياح الغربية العليلة.

كانت أغلب أراضي حي الجميلية عائدة لأراضي وقف العثمانية التي وقفها في القرن الثامن عشر عثمان باشا يكن ليعود ريعها لجامع العثمانية.

بدأت السلطنة العثمانية ببناء المكتب الاعدادي الملكي ( مدرسة المأمون) في المنطقة الحديثة التي سيطلق عليها لاحقا اسم الجميلية كإشعار باطلاق حي جديد في تلك المنطقة، خاصة بعدما قام الوالي العثماني جميل باشا ببناء قصر سكنه فيها وهو من منح هذا الحي اسمه.

بدأ بقية الموظفين العثمانيين الكبار بناء قصورهم الطابقية في تلك المنطقة أيضاً بدءا من عام 1880م.فكان منهم القائد العسكري علي محسن باشا. كما قامت بلدية حلب ببناء قصر لسكن رئيس البلدية في تلك المنطقة وهو ما سيتحول لاحقا لمدرسة معاوية.

قام الاثرياء اليهود القاطنين قديما في الاحياء اليهودية التقليدية داخل الاسوار كحي بحسيتا والبندرة والقلة بالبناء في منطقة الجميلية أيضا كآل شماع ونحماد وجداع وسيلفيرا وغيرهم، وغادروا أحياءهم اليهودية التقليدية داخل الأسوار تدريجيا.

تبعهم الاثرياء المسلمين من طبقة مالكي الأراضي من الإقطاع العثماني من سكان منطقة الفرافرة التي ضاقت بساكنيها كآل القدسي وآل اليكن، ومن سكان منطقة السويقة كآل الجابري وهم من طبقة رجال الدين المقربين من السلطنة ومالكي الاقطاعيات،

وكذلك الأمر من سكان بقية الأحياء القديمة كآل كوزم، ومن طبقة تجار الأغنام كأل حموية وغيرهم من فئات ثرية، قام جميع هؤلاء بالبناء في حي الجميلية أيضا.

استقدم هؤلاء مهندسين أجانب متأثرين بطرز العمارة الأوروبية الأحدث في ذلك الوقت لتصميم وبناء قصور صغيرة طابقية غاية في الجمال، مستفيدين من خبرة البنائين الحلبيين العريقة بالتعامل مع الحجر الحلبي.

استمر البناء في حي الجميلية جهة جسر الناعورة وخاصة على طول الطريق الرئيسي المؤدي الى ميناء اسكندرونة والذي حمل لاحقا ذات الاسم "شارع اسكندرونة" في إشارة للطريق التاريخي من مدينة حلب نحو مينائها الطبيعي الذي تم حرمانها منه.

كمابدأ بناء المشافي الحديثة حينها كمشفى القديس لويس ( مشفى فريشو) حوالي عام 1907 ، وجامع عبد الرحمن زكي باشا المدرس وه من الجوامع الضخمة في ذلك الزمن،

وسرعان ما بدأ آل المدرس بالبناء والسكن حوله أيضا كما قام صديق أفندي المدرس ببناء جامع الصديق الشهير في حي الجميلية عام 1934 وأسماه على اسمه.وتزايدت البنايات الجميلة في هذا الحي حتى الثلاثينات من القرن العشرين.

تعتبر الأبنية الحلبية التي تم هدم قسم كبير منها لأسباب تجارية في النصف الثاني من القرن العشرين هي ابنية نموذجية لدراسة جماليات فن تطور هندسة البناء بحلب.

شارك الموضوع مع اصدقائك !!

صور

فيديو

لمتابعة أحدث منشورات دار الوثائق الرقمية التاريخية على شبكات التواصل الاجتماعي :

مواضيع اخرى ضمن  مدونة المحامي علاء السيد

02-10-2022 3992 مشاهدة
حقيقة قصة السلطان عبد الحميد مع اليهودي قراصوه التي لا أساس لها

عندما بدأت الحملة الممنهجة لتبييض صورة السلطان عبد الحميد عمدت بعض الكتابات العربية للترويج لقصة اليهود الدونمة ومحاولتهم شراء أجزاء من فلسطين ورفض السلطان عبد الحميد لذلك بطريقة بطولية مما دعا هؤلاء لخلعه  المزيد

02-10-2022 3288 مشاهدة
السلطان عبد الحميد والرقابة على الصحف وتقييد الحريات

جاء في الفصل الأول المعنون : الشخصية الحميدية  من كتاب "أوهام الذات المقدسة السلطان عبد الحميد لمؤلفه المحامي علاء السيد وذلك تحت تحت عنوان : رقابة المطبوعات الحيوية  المزيد

13-08-2022 4193 مشاهدة
مصادر ومراجع كتاب "أوهام الذات المقدسة، السلطان عبد الحميد الثاني" لمؤلفه المحامي علاء السيد

اعتمد كتاب"أوهام الذات المقدسة، السلطان عبد الحميد الثاني" على حوالى 78 مصدرا ومرجعا و على ما نشر في حوالى 17 جريدة ومجلة من أخبار ومقالات متعلقة بما ورد في الكتاب  المزيد

13-08-2022 3688 مشاهدة
الفهرس الكامل لكتاب "أوهام الذات المقدسة، السلطان عبد الحميد الثاني" لمؤلفه المحامي علاء السيد

الفهرس  6 , مقدمة  9 , تمهيد  11 , الفصل الأول: الشخصية الحميدية  29 , طفولة سلطان  31 , شروط مدحت  33  المزيد

13-08-2022 3201 مشاهدة
السلطان عبد الحميد وحقيقة رفضه بيع فلسطين لهرتزل زعيم الصهاينة وعرضه حلب بديلا عنها

أفرد كتاب "الذات المقدسة ، السلطان عبد الحميد الثاني" فصلاً كاملاً بعنوان : "السلطان عبد الحميد وقضية فلسطين" في 56 صفحة فيها 116 اشارة توثيقية مرجعية  المزيد

13-08-2022 3932 مشاهدة
أراء المؤرخين بشخصية السلطان عبد الحميد الثاني .المحامي علاء السيد

لإيفاء دراسة شخصية عبد الحميد حقها، يجب أن نعي تماماً أن هذه الشخصية تطورت وتعقدت خلال ما يزيد عن ثلاثة وثلاثين عاماً من الحكم،  المزيد

13-08-2022 2263 مشاهدة
تعاون السلطان عبد الحميد مع اليهود لاستيطان مدينة القدس. المحامي علاء السيد

إن الاستيطان اليهودي في فلسطين زمن الدولة العثمانية حتى نهاية عهد السلطان عبد الحميد وقبل عهد " الاتحاد والترقي" بُني على طريقتين  المزيد

02-08-2022 2860 مشاهدة
مقالة نقد كتاب أوهام الذات المقدسة بعنوان : السلطان عبدالحميد الثاني، بين الكتابة الصحافية وغياب منهجية البحث العلمي

مقالة نقد كتاب أوهام الذات المقدسة بعنوان : السلطان عبدالحميد الثاني، بين الكتابة الصحافية وغياب منهجية البحث العلمي. والرد على المقال .  المزيد

أكثر الكتب مشاهدة

مكتبة الفيديو