رحلة من حلب الى القدس في عيد الفصح من عام 1697م - هنري موندرل

هنري موندرل Henry Maundrell من مواليد انكلترا عام 1665 م بدأ عمله استاذا في جامعة اوكسفورد ثم اصبح رجل دين وكان قسيس "شركة المشرق" التجارية في سورية التي تأسست في 1592 بامتياز منحته الدولة الانكليزية الى مجموعة من التجار لتنظيم التجارة مع الامبراطورية العثمانية والمشرق.

اقام في حلب في اطار عمله في هذه الشركة التي كان يمثلها اربعون رجلا يعيشون في دير كنيسة المشرق ومركزها في حلب. قام بزيارة إلى فلسطين في نهاية القرن السابع عشر في عام 1697 م. وسجل مشاهداته في هذا الكتاب وتوفي بعد اصدار الكتاب بقليل عام  1701م في حلب. كان هذا النوع من الرحلات والكتب التي تصدر بعدها تهدف لاستكشاف الافاق الاقتصادية التجارية في المناطق التي تستهدفها الرحلات لاعداد تصور اقتصادي تجاري انطلاقا من الدراسات الاجتماعية و التجارية لواقع البلدان التي تتم الرحلات اليها. وهذا ما مهد لاحقا لتقديم استراتيجية مدروسة لتحقيق المصالح الانكليزية في المنطقة عبر الاحتلال المباشر او غير المباشر.

ففي مطلع عام 1697 ، قرّر هنري موندرل ومجموعة من رفاقه تبلغ 15 شخصًا القيام برحلة حجّ من حلب (حيث يعملون في مصنع إنكليزي) إلى القدس ، انطلقوا بإتجاه اللاذقية على الساحل السّوري ، واتموا طريقهم على طول ساحل لبنان من شماله إلى جنوبه حتى بلغوا عكّا في ساحل فلسطين ، معاً اتجهوا برّاً غلى القدس الشريف ، وزار الفريق وادي الأردن والبحر المَيِت وبيت لحم ، وعادوا إلى القدس ليشقُوا طريقَ الرَجوع عبر دمشق وبعلبك إلى طرابلس ، حتى وصلوا حلب.

 قضى الفريق الجزء الأكبر من هذه الاشهر الثلاثة في السّفر ، وشاهدوا العديد من بلدان المشرق ومدنه ، كانت الرّحلة بحدِّ ذاتها مألوفة للعاملين في حلب وتقام عادة في هذا الفصل ، لكنّ الذي ميّزها عام 1697 كان صحيفة ترحال كتبها موندرل ، مليئة بملاحظات مفصلة عن الأماكن التي زاروها ، وهي تُعدّ واحدةً من أولى الروايات الدقيقة عن العصور القديمة لسوريا ولبنان وفلسطين تُكتَب باللغة الإنكليزية.

لم تكن تلك الرحلة سطحية المعارف كرحلات السياح بل كانت تتضمن دراسات معمقة من رجل عمل استاذا في اوكسفورد مثلا يذكر موندريل انه بالبحث عثر لى أصل آخر لاسم بيروت. إنه «الإله بعل بيريت». لكنه يلاحظ أن الكثير من آثارها القديمة اختفت، «وليس ذلك مهمًا فقد احتفظت بجمالها وتربتها الخصبة». كما يرصد حدة النزاع الطائفي الدموي حول القبر المقدس في القدس بين الطائفتين المسيحيتين اليونانية الاغريقية و اللاتينية وهما يمثلان النزاع بين الكنائس الشرقية والغربية.

بقلم : المحامي علاء السيد
طباعة