النص الكامل لمجموعة وقفيات عثمان باشا آل يكن الشهيرة ب "وقف العثمانية"

يعتبر وقف العثمانية بحلب من أضخم الوقفيات الإسلامية الخيرية والذرية في سوريا وربما في بلاد الشام.

فقد شملت الوقفيات مساحات واسعة من العقارات السكنية والزراعية والتجارية والصناعية التي رصد ريعها لادارة منشآت الوقف سواء منها المدرسة الرضائية الملاصقة لجامع العثمانية داخل باب النصر والتي كانت تعتبر بمثابة جامعة شرعية مجانية فيها نظام الاقامة الداخلي للطلاب بما يشابه حاليا المدن الجامعية  ومنها "العمارة" أو الشونة التي كانت توزع الطعام مجاناً على طلاب العلم والفقراء.

وتتألف هذه الأوقاف من ست عشرة وقفية وقفها من أملاكه الخاصة، وقف الأولى عام 1729 م والأخيرة كانت في عام 1739 م.

ويحكى أن عثمان باشا اليكن والي حلب عندما أمر ببناء جامع العثمانية سمع أن الجمال التي كانت تحمل احجار الجامع من المناطق المحيطة بحلب كانت تأكل من الاعشاب النابتى على أطراف الطرق الموصلة لباب النصر فقام بشراء جميع الأراضي على اطراف الطريق ووقفها للجامع وللمدرسة كي لا يدخل جوف الجمال من مال حرام.

لذلك شملت أراضي هذا الوقف منطقة شارع القوتلي وشارع الفندق السياحي و شارع فيصل وشارع الجميلية ومنطقة الفيض وغيرها من مناطق.

يمكن تبين أسماء هذا المناطق وتوزعها كما كانت في مطلع القرن الثامن عشر عندما اوقفها عثمان باشا فتقرأ بستان باقي جاويش وهو منطقة الازبكية والبريد وتقرأ بستان الشهبندر مصطفى باشا وهو منطقة كازية بارون وبستان الحجازي وهو الحديقة العامة وغيرها من اسماء ومناطق تغيرت بمرور الزمن وكانت كلها ضمن الوقفية.

أول باشا من آل اليكن هو عبد الرحمـــــــن باشا يكن (الدوركي) بن عثمان آغا (أفندينا) الذي حاز لقب باشا من رتبة ميرميران (تعني أمير الأمراء) عام 1710 م، وعين والياً على مرعش ثم على حلب 1715 م.

ابنه الشهير عثمان باشا يكن الدوركي (الملقب الواقف) بن عبد الرحمن باشا كان تقياً ورعاً محباً للعلم والعلماء، نال لقب باشا من رتبة مير ميران ثم من رتبة الوزارة ، و تعين والياً على طرابلس، ثم والياً على سيواس ثم دمشق، وعيّن بعدها والياً على حلب .

ثم مُنح رتبة الروملي وهي من الرتب العثمانية العليا وبعدها أصبح والي أدنة ثم بروسة ثم بغداد ثم ولّي أيالة صيدا، وأصبح أخيرا والياً على جدة ومشيخة الحرم المكي. فأقام بمكة المشرفة حتى وفاته عام 1750 م ودفن هناك.

ابنه اسماعيل باشا الذي مُنح لقب الباشاوية من رتبة ميرمران (أمير الأمراء) عام 1749 م و تولى حلب ثم ولّي صيدا وتوفي فيها.

بنى سرايا إسماعيل باشا اليكن سراياه في محلة ساحة بزة واتخذ بجانبها مسجداً سمي بجامع الروضة، وأوقف له وقفاً عظيماً وقلة من يعرفون أن اسماعيل باشا صاحب السرايا الشهيرة بحلب هو من آل اليكن.

استمر آل يكن برفد الوقف بالمزيد من العقارات من أموالهم الخاصة فقد مرت المدرسة الرضائية بظروف اقتصادية صعبة جداً خاصة عندما أصبح مردود الطواحين الموقوفة لها في رادة العدم، بسبب ظهور الطواحين النارية ( الآلية) فقام أمين آغا  ببناء ما يزيد عن عشرين عقاراً و عاد مردودها بالخير على المدرسة والجامع فعادت المدرسة للنهوض من جديد، 

ولِما كان لهذه الدور من نفع فقد أورد الغزي في كتابه نهر الذهب ما يلي: (وقف فيها على المدرسة وتوابعها الوجيه الماجد محمد أمين آغا اليكن بن علي آغا إحدى وعشرين داراً ... شرقي الجسر في الصف المتجه إلى الجنوب ثماني دور، وفي الصف المتجه إلى الشمال اثنتا عشرة داراً، والدار الحادية والعشرون في محلة الجميلية ... غلة هذه الدور تبلغ في السنة ألفاً وسبعمائة ذهب عثماني ... و أن الفضل في إنشائها خصيصاً بمتولي الوقف أمين آغا اليكن فجزاه الله خيراً وأجزل اجره)، وهذه الدور واقعة اليوم قرب الفندق السياحي أمام نادي الضباط وعلى جانبيه.

خلال فترة الانتداب الفرنسي تعرضت ملكيات وقف العثمانية لانتهاكات واعتداءات مست بها بتواطؤ من القضاة الفرنسيين و قد تولى الدفاع عن عقارات الوقف المحامي فتح الله صقال الذي اصدر كتابا هاما في وصف الاعتداءات العقارية على عقارات الوقف والدعاوى القانونية التي جرت بهذا الخصوص وسنعرض هذا الكتاب في معروضات دار الوثائق باسم" قضايا وقف العثمانية".

إن وثائق الوقف الحلبية تعتبر مصدرا موثوقا رئيسيا للمعلومات التاريخية و الاجتماعية والاقتصادية و الجغرافية التي يبحث عنها أي باحث في تاريخ مدينة حلب.

للراغبين بالحصول على مجلد " وقفيات عثمان باشا اليكن " ، المؤلف من صفحة 116، من الاعوام 1729حتى 1739 م في ملف PDF.

بقلم : المحامي علاء السيد
طباعة