نقدم لكم المجلد السادس عشر من جريدة "الأهرام" المصرية ويشمل أعداد عام 1892م النادرة، تعتبر الأهرام المصرية التي صدر العدد الأول منها فى 5 أب 1876 م، أعرق صحيفة يومية مصرية، وكانت قد بدأت كجريدة أسبوعية بأربع صفحات تصدر كل يوم سبت ثم أضحت تصدر كل يوم جمعة ، ثم بعد ذلك تطورت إلى جريدة يومية بدءا من 3 من كانون الثاني عام 1881م وما زالت تصدر حتى اليوم.
في عددها الأول دعت الجريدة "أصحاب الأقلام البليغة أن يزينوا من وقت لآخر الجريدة بما يسطرونه من بديع الكتابة والحكم والفوائد التي يلتذ باجتنائها كل ذي ذوق سليم"،
الطريف في الموضوع أن مؤسسي هذه الجريدة هما اللبنانيان بشارة باشا تقلا وشقيقه سليم تقلا، فقبل حوالي 140 سنة وفي سنة 1875 م بالذات قام شابان لبنانيان هما الأخوين بشارة و سليم تقلا باصدار جريدة الأهرام في الاسكندرية.
اختارا وقتها تلك المدينة لان مصر كانت تحت السلطة الفعلية للخديوي الذي منحها حرية الصحافة وتحت السلطة الاسمية للسلطنة العثمانية التي كانت تفرض رقابة مشددة على الصحف.
في عام 1892م كانت تعلو الجريدة الكلمات"جريدة يومية تجارية سياسية أدبية".
تميزت بصغر خطها لكي تستطيع استيعاب عدد اكبر من الموضوعات دون زيادة عدد صفحاتها، ويمكننا أن نلاحظ أنها كانت موالية للسلطان عبد الحميد من خلال المقال المرفق الذي انتقيناه منها والذي تبرر فيه الجريدة للسلطان عدم دعوة مجلس المبعوثان للانعقاد مرة أخرى .
اختص سليم بتحرير المقالات المختلفة، واختص بشارة بالترجمة، وكان سليم تقلا وهو من مواليد لبنان 1849م قد هاجر إلى مصر وهو في السادسة والعشرين وأقام في الاسكندرية وكان شقيقه بشارة الذي يصغره بثلاث اعوام ( هو من مواليد 1852م) قد هاجر معه لمصر.
قدم سليم تقلا التماسا كتبه بخط يده جاء فيه «إن الجريدة الملتمس إنشاؤها في مدينة الإسكندرية تحتوي على التلغرافات، والمواد التجارية والعلمية، والزراعية، والمحلية والطب والرياضيات والأشياء التاريخية والأفكار والقصص الأدبية، وما شاكل ذلك من الأشياء الجائز طبعها، من دون أن أتعرض للدخول مطلقاً في الأمور السياسية».
استطاع صاحب المجلة اجراء حوار صحفي مع الخديوي اسماعيل ونشره في الاهرام وهو امر لم يكن معتادا اطلاقا حينها في البلاد العربية. فارتفع شأن الصحيفة والصحفيين في نظر الناس باعتبارهم يحاورون الملوك فقد كانت النظرة العامة للجورنالجي قبل ذلك متدنية..
كما اعتمد مؤسسا الصحافة على لغة سهلة بسيطة بعيدة عن المحسنات البديعية وهو ما كان امر ا غير مألوف ومهدوا بذلك للغة الصحافة المتبعة حاليا.
كما كانت اول الجرائد التي تنشر صورا على صفحاتها وتحافظ على مكانتها الرصينة باعتبارها نشرت صورة الخديوي توفيق في العدد 152فقد كانت النظرة ان الصحيفة المحترمة لا تنشر صورا.
في البدايات كانت الاهرام تنشر الأخبار الشامية اكثر من الاخبار المصرية باعتبار اصحابها من لبنان وهذا الامر من حسن حظنا اذ يمكننا تتبع أخبار بلادنا في اعداد السنوات الأولى منها واعتبارها مصدرا توثيقيا.
صدرت الجريدة من "القاهرة" في عام 1899م
تعاقب على رئاسة تحرير «الأهرام» عدد من الرواد الكتاب والأدباء، بعد وفاة كل من سليم وبشارة تقلا ... منهم خليل مطران، وداود بركات الذي ظل محررا ورئيسا لتحريرها 35 عاما، وكان يعد مرجعا لكل حادث في مصر منذ احتلالها، وجبرائيل تقلا الذي نقل «الأهرام» نقلة كبيرة، واستخدم أرباح «الأهرام» في تدعيم وجودها الصحافي بشراء أحدث المطابع، وقام بتجديد الصحافة شكلا وموضوعا وطباعة، والذي قيل عنه: «كانت «الأهرام» تسبق الصحف الأخرى بعشر سنوات، وكان تقلا باشا يسبق «الأهرام» نفسها بمئة عام على الأقل.
ووصف الدكتور طه حسين «الأهرام» يوما بأنها «ديوان الحياة المعاصرة»، وأضاف: «الأهرام» ليست صحيفة امتد بها العمر حتى شاخت ووصلت من الحياة إلى أرذل العمر، ولكن مرور الزمن كان يزيدها أصالة.
للحصول على مجلد pdf من جريدة الاهرام لعام 1892م.
جميع الحقوق محفوظة لـدار الوثائق الرقمية التاريخية © 2024 https://www.dig-doc.org/ |