سائق التاكسي الحزين - الجزء الثاني

في الثامنة صباحا رأيته يجول بسيارته الصفراء، لا أحد غيرنا في الشوارع، لا زبون يركب التاكسي، أحسست بعجزه، بحيرته، ما الذي دعاه للتجوال في الثامنة صباحا في مدينة يفترض فيها الحجر الجزئي في يومه الثاني، أي يفترض قلة الحركة في منتصف الظهيرة فما بالك في الثامنة صباحاً؟!!!

دفعه اليأس..دفعته الحاجة...هذا التاكسي الأصفر يعيل ما لا يقل عن أربع عائلات..عائلة مالك التاكسي وعائلة كلا من السائقين الاثنين اللذين يعملان عليه لورديتين متتاليتين. وعائلات عدة مقدمة الخدمات للتكاسي من مصلحين ( كومجي ، مكنسيان ...الخ )  ما يزيد على عشرين شخص بالحد الأدنى ..كل هؤلاء يعملون ليحصلوا قوت يومهم وتحصيلهم بمبلغ زهيد يوما بيوم.. .

لا يكاد يكفي كفافهم ..يندر أن تجد مدخرات عند أي منهم.

دواليب التاكسي تدور دون أي راكب في الثامنة صباحاً..

كل دورة تعني خسارة المزيد من البنزين الغالي المقنن.

تعني خسارة المزيد من أرغفة الخبز المتبقية للأولاد في البيت.

هل يدور بخسارة على الأمل ..؟

أم يجلس مع يأسه وتاكسيه الأصفر.. أمام أطفاله الجوعى؟

بعد يوم أو يومين او ثلاثة أو اسبوع أو اسبوعين ستجوع هذه العائلات حتما ...

ما لم تستطع الحرب أن تقوم به ..قامت به حملات الكورونا ....

خليك بالبيت ستعني ثورة جياع في العالم كله. ولا بديل عنها للاسف.

ربما هناك حكومات قوية اقتصادياً تستطيع الانفاق على اقتصاد وشعب متوقف بدون عمل ...ربما لشهر ولكنها ستنهار حتما ..

فما بالك بحكومات ثكلى أثخنتها الجراح .....

التبعات قادمة ..لم نبدأ بعد

سائق التاكسي الحزين - الجزء الأول

بقلم : المحامي علاء السيد
طباعة