سألوني لماذا بقيتم ولم ترحلوا إلى مكان أمين خارج سورية ؟ ...
الجواب ببساطة :
عندما تختار الأم الشريفة أن تحمل جنيناً في أحشائها بالسر، لظروفٍ تمنعها قسرياً من الحمل ، قد يتهمها البعض بالحمل سفاحاً، و يشكك بمشروعية علاقتها بالأب ، و قد ينعتها أقرباءها بأبشع النعوت ..
لكنها تتمسك بحملها، و ترقب جنينها ينمو يوماً بعد يوم ...
يتغذى من دمها ... يأكل من جسمها...
قد تتعرض لنزيفٍ حادٍ أثناء حملها، وقد يؤلمها الجنين برفسات من قدميه الصغيرتين الناميتين، و قد يسبب لها الكثير من المغص ..
هي تدرك أن آلام المخاض لا تحتمل .
و أن الولادة قد تودي بحياتها، و أنها قد تموت قبل ان ترى مولودها ..
لكن لا بد للمخاض أن ينتهي ، وأن تأتي الولادة ....
يسبق نزول المولود كميات كبيرة من دمها، و عندما يصل يكون مضمخاً بدمها ، باكياً ، صارخاً، زاعقاً، و لكنها تضمه إلى صدرها و تنظف قذارته رويداً رويداً ...
ليظهر في النهاية وجهه المشرق .
لا بد ل" سورية القادمة " أن تولد ، و سنحتمل آلام حملها ، و نزيف قدومها ، و نزيل عنها دماء الولادة شيئاً فشيئاً ، لتظهر تدريجياً كأبهى ما تكون .
لا يمكن أن يُقارن شعور الأم تجاه الطفل القادم من رحمها ، بشعورها تجاه طفل سوف تتبناه .
لهذا السبب بقينا هنا ، نحتمل آلام الحمل و المخاض و الولادة و مخاطر الموت أثناء الوضع ، ورفضنا أن نراقب من وراء الزجاج طفلتنا تولد عن بُعد .
مع احترامي لكل من أجبر على الابتعاد قسراً ، ليتحرق شوقاً للحظة الولادة، دون أن يستطيع المشاركة فيها .
وعتبي على من اختار المراقبة عن بُعد، طوعاً دون إكراه .
جميع الحقوق محفوظة لـدار الوثائق الرقمية التاريخية © 2025 https://www.dig-doc.org/ |