من مقدمة طريق الحرير المحامي علاء السيد

يتجلى دور كتاب" طريق الحرير -قراءة معاصرة لدور محاور التجارة الدولية في قيام وسقوط الإمبراطوريات والدول" الذي صدرت طبعته الأولى عام 2021م في محاولة طرح معالجة معمقة مستندة إلى وقائع تاريخية، عن أسباب الصراع الدولي الحالي للسيطرة على الأراضي السورية، هذا الصراع الدولي الذي دفع الأتراك والإيرانيين والروس والأوروبيين الألمان والفرنسيين والإنكليز، كما دفع الأميركيين، للتدخل جميعاً بطرق مباشرة أو غير مباشرة على الأرض السورية.

ومحاولات لإيجاد إجابات عن أسباب وصول الإسكندر المقدوني لأفغان ستان، والتي قد تكون هي ذات الأسباب التي دفعت الإنكليز مطلع القرن العشرين لاحتلال أفغان ستان وصراعهم مع الروس الذين استطاعوا إخراج الإنكليز منها، ولكن ما لبث الأميركيون أن بسطوا سيطرتهم عليها.

وعن أسباب الصراع الفارسي الشرقي، والروماني الغربي على العراق، والذي استمر بأشكال متباينة عبر العصور، ليتجلى بالصراع الصفوي -العثماني عليها أيضاً، وليمر بالانتداب البريطاني وينتهي بالسيطرة الأميركية ثم الإيرانية عليها.

وأسباب الصراع التاريخي على منطقة القرم ما بين العثمانيين والروس والقوى الغربية، والذي استمر تاريخياً حول هذه البقعة بالذات، وتجلى بأزمة القرم الأخيرة ما بين روسيا وأوكرانيا، ولوحظ  خلالها اصطفاف الأميركيين مع أوكرانيا ضد الروس.

أما الإجابة عن أسباب التهاب منطقة البلقان، والتي ساد فيها الصراع تاريخياً ما بين العثمانيين والنمساويين، لينتهي بالصراع الروسي ممثلاً بالصرب مع العالم الغربي خلال مذابح البوسنة والهرسك الأخيرة، هذه الأسباب قد تكون ضمن طيات صفحات هذا الكتاب.

لا يمكننا أن نغفل الدراسة غير التقليدية التي سيتضمنها الكتاب للأسباب العميقة التي دفعت نابليون بونابرت لغزو مصر، وما تلاها من احتلال وسيطرة إنكليزية طويلة على مصر، انتهت بالسيطرة الأميركية الحالية على السياسة المصرية بشكل غير مباشر، 

ولا نغفل دراسة أسباب محاولة نابليون احتلال سوريا والوصول إليها عبر ساحل فلسطين ، وأسباب عودة الفرنسيين إلى سوريا ولبنان خلال فترة الانتداب، ودورهم مع الأميركيين في الحرب الأهلية اللبنانية وإمساكهم معا بمفاتيح أهم القوى السياسية اللبنانية الحالية.

أما اختيار الساحل الفلسطيني لقيام إسرائيل، فهو قد يكون امتداداً تاريخياً طبيعياً لقيام الممالك والإمارات الصليبية طوال قرنين من الزمان على هذا الساحل، كما سنرى من خلال دراسة تلك المرحلة. 

لفهم أهمية الشمال الأفريقي الذي يشمل تونس وليبيا منطلق ثورات الربيع العربي الأخيرة التي أدت إلى فرض السيطرة الأميركية والأوروبية الكاملة عليه، فلا بد من العودة إلى أسباب الحروب القديمة ما بين روما وقرطاجة على شمال أفريقيا، متوسعين في التاريخ لدراسة أسباب الصراع البيزنطي العثماني الطويل والعنيف على تلك البقعة، وصولاً للصراع الأوروبي العثماني الذي انتهى باحتلال فرنسا وإيطاليا لتلك الأقطار، والتي انتهت بها الحال مؤخراً تحت السيطرة الأميركية الأوروبية.

كما أن جوهر الكتاب يحاول أن يفسر رغبة الإيرانيين التاريخية في الوصول إلى حلب والساحل السوري، هذه الرغبة التي تجلت في العصور القديمة بالصراع الفارسي الإغريقي على سوريا، والذي تطور للصراع الطويل الفارسي الروماني ثم الفارسي البيزنطي على سوريا، 

هذه الرغبة الإيرانية  التي اصطدمت لاحقاً في بدايات العهد العثماني إبان اندلاع الصراع العثماني- الصفوي في القرن الخامس عشر برغبة تركية مماثلة بالسيطرة على سوريا ولاسيما على شمالها زمن الدولتين الفارسية الصفوية والعثمانية.

في الوقت نفسه يطرح الكتاب أحد التفاسير للبند الثامن من وصية بطرس الأكبر مؤسس الإمبراطورية الروسية في القرن الثامن عشر بضرورة إبقاء النزاع مشتعلاً بين إيران وتركيا، وحتمية الوصول للسيطرة الروسية على سوريا وسواحلها على البحر المتوسط.

بقلم : المحامي علاء السيد
طباعة