لعنة الغاز وكازاخ ستان - المحامي علاء السيد

كازاخ ستان مبتلية مثلنا بلعنة جغرافيا طرق الغاز ، ولذلك مقدر لها ما هو مقدر لنا...

أقتبس وأعيد التحرير من فصل "سوريا والغاز"  في كتاب "طريق الحرير-  قراءة معاصرة  لدور محاور التجارة الدولية في قيام وسقوط  الإمبراطوريات والدول"  : 

إن منبع خط أنابيب الغاز المسمى "خط أنابيب باكو- تبيليسي- جيهان BTC" -وهو مشروع خط مدعوم أمريكياً - ينطلق من تركمان ستان التي تعتبر رابع دولة في العالم بحجم احتياطي الغاز لديها, ثم يستمر الخط مروراً بأوزبك ستان، وثم عبر كازاخ ستان، ثم عبر بحر قزوين، ثم أذربيجان، ثم يتجه الخط نحو جورجيا وصولاً إلى تركيا، ليتربط مع الخط الامريكي "نابكو" الذي يغذي أوروبا بالغاز.

يجب السيطرة الأمريكية على النظم السياسية لجميع هذه البلاد لضمان تدفق الغاز عصب الحياة الصناعية لاستمرار السيطرة الاقتصادية الامريكية على منابع الطاقة في العالم وبالتالي السيطرة السياسية على الدول التي تحتاج هذه الطاقة وأهمها الدول الأوروبية الرئيسية.

بدأ الامريكان بمحاولة السيطرة على منبع الخط في تركمان ستان واستطاعت الولايات المتحدة قديما أن تتعاقد على إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية هناك. 

لم يكن أمام روسيا إلا منع إنشاء هذا الخط من منطلقه في تركمان ستان، بتعزيز علاقاتها السياسية والعسكرية مع تركمان ستان بدءاً من عام 2006، بدعم استلام الرئيس التركمان ستاني "محمدوف" لمنصبه وبقاءه فيه حتى الآن وبقاء النفوذ الروسي على تركمان ستان.

أما بالنسبة لبقية دول خط الغاز هذا، فالحكومة الاوزباك ستانية من أشد الداعمين لروسيا ومازال قائمة منذ ما يزيد على الثلاثين عاماً. 

الدولة الثالثة على خط الغاز هي كازاخ ستان والحكومة فيها موالية للروس منذ الاستقلال عن الاتحاد السوفيتي وحتى الان، وفي عام 2019 عندما أجريت انتخابات رئاسية جديدة عاد وتسلم رئيس جديد موال للروس، ويقي  النفوذ الروسي مستمر الوجود على كازاخ ستان. 

بالتالي هذا الخط لن يمر ما دام مشروعا أمريكيا دون موافقة روسية وهذه الموافقة لن تأت.

لم يعد أمام الولايات المتحدة لكي تباشر بإنشاء هذا الخط إلا إثارة القلاقل "المطالبة بالديموقراطية" في هذه الدول الثلاث تباعاً. 

وعلى ما يبدو وفق الانباء الحالية إن البداية في كازاخ ستان، وهو ما بدأ في الايام الماضية ووصل الى ذروته المبدئية اليوم باستقالة الحكومة واندلاع المظاهرات وأعمال الشغب بسبب ارتفاع أسعار الغاز والقادم أعظم.

 في الحقيقة بدأت الولايات المتحدة في كازاخ ستان بفعل ما فعلته سابقا في جورجيا بما سمي ثورة الورود عام 2003، وكما فعلت بدعم الثورة البرتقالية بأوكرانيا عام 2004 وفي عام 2014 التي اندلعت حينها بسبب ارتفاع أسعار الغاز والحياة المعيشية. 

وانتهى الامر بالسيطرة الامريكية على سياسة هاتين الدولتين اللتين تعتبران ممرات رئيسية لخطوط الغاز.

سيتجلى الصراع الروسي- الامريكي على كازاخستان في الايام والشهور المقبلة بشكل أوضح وسُيدفع الثمن الاكبر لحروب الغاز العالمية من دماء أبناء كازاخ ستان.

بقلم : المحامي علاء السيد
طباعة