تعتبر ساعة باب الفرج أحد أهم رمزين لمدينة حلب إضافة للقلعة .
في مطلع القرن الماضي قرر والي مدينة حلب تأجير قسطل السلطان الأثري الواقع أسفل الساعة لأحد المستثمرين حينها لسبب غير مفهوم وبحجة جلب الأموال لخزينة البلدية وبحجة أن المستأجر ينوي استئجاره لتقديم خدمة عامة.
طبعا هذا الأمر لم يقم به أحد في العالم من قبل، بتأجير قسم من مبنى أثري يعتبر أحد رموز المدن، ويعتبر جريمة بحق المدينة ومن فيها، تُكلل من يقوم بها بالعار.
هذا المستأجر حينها قرر فتح مراحيض عامة تحت الساعة، وعلى أن يتقاضى مبلغ مالي ممن يرغب بالتغوط في هذا المرحاض، وكان العرض المميز هو أن التبول فيه مجاني.
ثائرت ثائرة أهالي المدينة حينها، للإهانة التي وجهت للساعة رمز مدينتهم سواء بمجرد فكرة تأجيرها أو أن يكون التأجير لغاية استثمارها كمراحيض عامة.
لسان حال الحلبيين حينها كان الشيخ ربيع المنقاري وهو شيخ ظريف صاحب نكتة ولسان سليط، فألف الشيخ أبيات تهجو الوالي وتسخر من قيام البلدية بتأجير الساعة .
وسأورد هذه الأبيات على الرغم من ورود ألفاظ بذيئة فيها وسأغفل اسم الوالي الوارد في الأبيات :
شُيدت مباولنا بعهد (....)
بعهدِ والٍ مخلصٍ ونزيه
أما الخرا فبإجرةٍ مرقومةٍ
والبولُ موقوفٌ لروح أبيه
طبعا أورد الأسدي في موسوعته الشطر الأخير من الأبيات وذكر الحادثة، وبذلك تخلد فعل تأجير الساعة القبيح في وجدان محبي المدينة .
استمرت المراحيض تحت الساعة لفترة طويلة وساءت سمعتها لارتكاب أفعال مشينة فيها، ثم وللغرابة استمرت البلدية بتأجير المكان وتحول لدكان لبيع السي دي وأحياناً لبيع الالبسة التجارية وأحياناً لبيع الورد الصناعي التجاري.
لم يتم إنهاء هذه المهزلة حتى ما قبل الحرب الحالية التي أنهت وجود المستأجرين تحت الساعة.
لا أعتقد أن بلدية حلب يمكن أن تتورط بالاستمرار بتأجير تحت الساعة مهما كانت العروض مغرية، على الأقل تجنباً لسلاطة لسان الشيخ ربيع المنقاري رحمه الله.
جميع الحقوق محفوظة لـدار الوثائق الرقمية التاريخية © 2025 https://www.dig-doc.org/ |